الانسان كائن اجتماعي، ولا يستطيع ان يعيش دون الجماعة، وهذه الضرورة تفرضها عليه طبيعته البيولوجية، والطفل لا يستطيع اشباع حاجاته البيولوجية الا عن طريق الآخرين، وعليه، فانه يحتاج الى فترة طويلة حتى يصبح قادرا على الاستقلال الذاتي. والاعتماد على الغير ليس مقصورا على الطفل فحسب، بل ان كل الناس في المجتمعات الانسانية بحاجة الى الاعتماد على الغير ايضا في سياق حياتهم اليومية.
تبدأ العلاقات الاجتماعية بين الناس في المنزل حيث تنشأ بواكير روابط الطفل بوالديه واشقائه والاقربين والمربين والانداد وتمتاز هذه العلاقة بالطابع الانفعالي المصحوب بالمشاعر المتبادلة بين كافة اطراف التواصل الاجتماعي.
وتتمثل اشكال التواصل بين الأم وطفلها الصور التالية:.
1- التواصل المتبادل بين الأم والطفل:.
ان التفاعل والتواصل الذي يتم بين الطفل وامه ثنائي الاتجاه حيث يؤثر بأمه ويتأثر بها، فعندما تلبي الام حاجات طفلها، فانه يبتسم لها تعبيرا عن الرضى، وبالمقابل فان هذا الابتسام يدفع الام بالضرورة الى مواصل الاهتمام والرعاية، وبالاضافة الى هذا التفاعل المتبادل فان الطفل يتعلم وكما امه كيف ينظمان علاقاتهما على اساس الزمن المنقضي بين تعبير الطفل عن حاجته وبين تلبية واشباع تلك الحاجة، ففي حالة بكاء الطفل فان الام يجب ان لا تطيل فترة استجابتها لهذا البكاء، اذ ان الاستجابة السريعة لبكائه تؤسس لديه مشاعر التعلق الآمن بأمه، وهنا ينصح الخبراء بأن لا تطول فترة الاستجابة للبكاء حتى لا تتولد لدى الطفل نوبات غضب قد تؤدي الى مشاكل انفعالية لديه مستقبلا.
2- تأثير الطفل على الام:.
يؤثر الطفل على والديه وخصوصا الام حتى يحافظ على بقائه، فعندما ينظر الطفل الى والديه ويطيل النظر اليهما ويبتسم لهما، فان ذلك يجعل الوالدين يشعران بأن الوليد اصبح يعرفهما، وبهذا يبدأ الطفل اولى خطواته كعضو في الجماعة الاسرية، ومن هنا تبدأ هذه الجماعة (الوالدان) تشعر بمسؤولية الحماية والرعاية الوالدية له. ومن هنا ايضا يبدأ التفاعل المتبادل ثنائي الاتجاه.
3- تأثير الام على الطفل:.
يحتاج الطفل في هذا السياق، الى دفء العاطفة ورقة المعاملة وثباتها كما يحتاج الى اثارة النشاط الجسمي والحركي والمعرفي وهنا على الأم ان تتعرف على حاجات طفلها وان تستجيب لها بالشكل الصحيح، وفي الوقت المناسب، كالاستجابة لبكائه وحاجته للطعام واللعب مما سيكون علاقة ايجابية بينه وبين المحيطين به.. علاقة قوامها الثقة والحب والشعور بالامان العاطفي وربما تكون الأم غير قادرة على فهم حاجات وليدها، مما سيعثر استجابتها لهذه الحاجات، وعليه، فلا ضير لو استعانت الام بأمهات ذوات خبرة، او بالمتخصصين بعلم نفس الطفولة حتى تتمكن من مواكبة مشاعر وليدها وتلبية حاجاته في الوقت المناسب، وبالشكل المناسب، ولتتأسس بالتالي بينها وبين طفلها البنية المهمة لنمو سلوكه الانفعالي والاجتماعي، ويتدرج الطفل في نموه بشكل عام باتجاه سليم، ويصبح قادرا على اكتساب تفاعلات وتأثيرات جديدة تجاه امه، وحتى تستطيع امه من طرف آخر ان تكتسب الخبرة في تفسير حاجاته والاستجابة لها، بهذا ينسجم التفاعل المتبادل بين الطرفين، ويصبح كل منهما قادرا على ايصال رسالته للآخر دون لبس وعناء.